كما أن العمل بالشريعة مطلب وشرط لكمال الاعتقاد وصحته، فكذلك العكس ؛ فإن صحة العقيدة شرط من شروط قبول العمل بالشريعة والثواب عليه.
فلو عمل الكافر صالحاً وقدم خيراً لم ينفعه ذلك ؛لأن اعتقاده فاسد أصلاً. قال – تعالى-: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً).
وقال: (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً).
وقال: (قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً)
والعكس هو الصحيح، فمن عمل بالشريعة وكان اعتقاده صحيحاً استحق الجزاء الحسن والثواب الجزيل من الله – تعالى- .
قال تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) [سورة النحل، الآية:97].
فرتب جزاء العمل الصالح على الإيمان بقوله: (وهو مؤمن).
وقال – تعالى-: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [سورة الأحقاف، الآية: 13].
فرتب الجزاء الحسن على العقيدة والعمل بالشرع والهدى.
وقال – تعالى-: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً) [سورة الكهف، الآية: 107].
فجعل دخول الجنة جزاء للإيمان والعمل الصالح، ومعلوم أنه إذا فسد الاعتقاد فيما يتعلق بالتقرب إلى الله – تعالى- بالأعمال فسدت النية، وإذا فسدت النية فسد العمل ولم يحصل ثوابه ؛ ذلك أن النية عمل اعتقادي قلبي إيماني، وهو شرط لصحة العمل كما قال – تعالى-: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) [سورة البينة، الآية: 5].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله .." الحديث [متفق عليه].
لذلك فالعمل الذي لا يكون عن نية صالحة وعقيدة سليمة لا يقبل عند الله، ولا يثاب فاعله كما مر في النصوص السابقة.
وقال الإمام الشافعي في (الأم) في باب (النية في الصلاة):
يحتج بأن لا تجزئ صلاة إلا بنية بحديث عمر بن الخطاب :"إنما الأعمال بالنيات" ثم قال: وكان الاجتماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركناهم يقولون: "الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاث إلا بالآخر" [الإيمان لابن تيمية ص175].
وهكذا نجد أن الأئمة المقتدى بهم في الدين متفقون على أن صحة الإيمان والنية (وهما الاعتقاد) شرط لقبول العمل.
العقيدة هي الدافع للعمل بالشريعة
إن العمل بالشريعة عن إيمان صادق وقناعة لا يكون إلا بدافع إيماني وعقيدة متأصلة، فإذا استقام الإنسان على العقيدة وقوي إيمانه، فلابد أن يدفعه ذلك إلى العمل بشرع الله عن قناعة ورضا وتسليم، وإذا حصل التساهل من فرد أو أمة أو مجتمع بالعمل بالشريعة أو التخلي عنها، أو عدم القناعة بها، دل ذلك على اختلال العقيدة أو انحرافها أو خلل في فهمها، وهذا ما تفسر به مواقف كثير من المسلمين الذين يدعون أنهم على العقيدة والإيمان، ويخالفون في السلوك والعمل .
وكذلك من الدول والحكومات التي تزعم أن دينها الرسمي الإسلام، ومع ذلك لا تعمل بشرع الله إذ يدل هذا على اختلال العقيدة وضعف القناعة بدين الله من الأساس لدى من بأيديهم مقاليد الأمور.
العمل بالشريعة ثمرة من ثمرات العقيدة
عرفنا أن العقيدة هي الأساس والأصل الذي تبنى عليه الشريعة، إذن فالشريعة نابعة من العقيدة وأثر من آثارها، فمن التزم العقيدة الإسلامية السليمة وحققها، فلابد حتماً أن يكون متبعاً لشرع الله عاملاً به، ومن ادعى أنه على الاعتقاد السليم ولم يكن عاملاً بالشريعة فدعواه كاذبة، فلا يستقيم الإيمان إلا بالعمل .
والعقيدة السليمة تدفع صاحبها إلى الاستقامة على دين الله والعمل بشرعه في الجملة.
ارتباط الأحكام الشرعية بالاعتقاد وتلازمهما
الإسلام عقيدة وشريعة لا ينفصلان، لا من حيث التلازم العلمي والعملي فحسب، بل ومن حيث تضمن كل جانب لأصول الجانب الآخر.
فالشريعة وأحكامها العامة والتفصيلية لا تستقيم إلا باعتقاد أنها حق وأنها دين الله، وكل أحكام الشريعة تصلح مثالاً لذلك لكني أورد شيئاً تتضح به هذه القاعدة:
1- الصلاة والزكاة والصوم والحج، وسائر العبادات وما يندرج تحتها من أحكام وواجبات فرعية (جزئية) هي عبادات لا تصح من العبد إلا إذا اعتقد أنها شرع الله وعملها تعبداً لله – تعالى- وحده، وصح اعتقاده في أصول الدين والعبادة كما قال – تعالى-: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) [سورة الأنعام الآيتان 162-163].
فالصلاة والنسك أحكام شرعية من حيث الأمر بها والعمل لها، ولا تصح من العبد إلا إذا اعتقد أنها شرع الله وتقرب بها إليه وحده – سبحانه- فلو عملها من لا يدين لله بها لم تنفعه، ولو عمل بها لغير الله أشرك.
2- تحريم الربا والزنا والفواحش وتحريم الظلم والكذب وما يدخل تحتها من أحكام تفصيلية وأحكام شرعية، ولا يصح إسلام المسلم إلا إذا اعتقد تحريمها شرعاً، سواء اقترفها أو لم يقترفها. فمن اعتقد أن الزنا حلال، أو الربا مباح، أو استحل أي محرم من المحرمات القطعية شرعاً خرج من الدين، وإن لم يقترفها ؛ لأنه فسد اعتقاده فيها.
لكن لو اقترفها وانتهك أمر الله فيها - مع اعتقاده لتحريمها- كان عاصياً لله تعالى مرتكباً لكبيرة
فلو عمل الكافر صالحاً وقدم خيراً لم ينفعه ذلك ؛لأن اعتقاده فاسد أصلاً. قال – تعالى-: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً).
وقال: (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً).
وقال: (قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً)
والعكس هو الصحيح، فمن عمل بالشريعة وكان اعتقاده صحيحاً استحق الجزاء الحسن والثواب الجزيل من الله – تعالى- .
قال تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) [سورة النحل، الآية:97].
فرتب جزاء العمل الصالح على الإيمان بقوله: (وهو مؤمن).
وقال – تعالى-: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [سورة الأحقاف، الآية: 13].
فرتب الجزاء الحسن على العقيدة والعمل بالشرع والهدى.
وقال – تعالى-: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً) [سورة الكهف، الآية: 107].
فجعل دخول الجنة جزاء للإيمان والعمل الصالح، ومعلوم أنه إذا فسد الاعتقاد فيما يتعلق بالتقرب إلى الله – تعالى- بالأعمال فسدت النية، وإذا فسدت النية فسد العمل ولم يحصل ثوابه ؛ ذلك أن النية عمل اعتقادي قلبي إيماني، وهو شرط لصحة العمل كما قال – تعالى-: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) [سورة البينة، الآية: 5].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله .." الحديث [متفق عليه].
لذلك فالعمل الذي لا يكون عن نية صالحة وعقيدة سليمة لا يقبل عند الله، ولا يثاب فاعله كما مر في النصوص السابقة.
وقال الإمام الشافعي في (الأم) في باب (النية في الصلاة):
يحتج بأن لا تجزئ صلاة إلا بنية بحديث عمر بن الخطاب :"إنما الأعمال بالنيات" ثم قال: وكان الاجتماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركناهم يقولون: "الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاث إلا بالآخر" [الإيمان لابن تيمية ص175].
وهكذا نجد أن الأئمة المقتدى بهم في الدين متفقون على أن صحة الإيمان والنية (وهما الاعتقاد) شرط لقبول العمل.
العقيدة هي الدافع للعمل بالشريعة
إن العمل بالشريعة عن إيمان صادق وقناعة لا يكون إلا بدافع إيماني وعقيدة متأصلة، فإذا استقام الإنسان على العقيدة وقوي إيمانه، فلابد أن يدفعه ذلك إلى العمل بشرع الله عن قناعة ورضا وتسليم، وإذا حصل التساهل من فرد أو أمة أو مجتمع بالعمل بالشريعة أو التخلي عنها، أو عدم القناعة بها، دل ذلك على اختلال العقيدة أو انحرافها أو خلل في فهمها، وهذا ما تفسر به مواقف كثير من المسلمين الذين يدعون أنهم على العقيدة والإيمان، ويخالفون في السلوك والعمل .
وكذلك من الدول والحكومات التي تزعم أن دينها الرسمي الإسلام، ومع ذلك لا تعمل بشرع الله إذ يدل هذا على اختلال العقيدة وضعف القناعة بدين الله من الأساس لدى من بأيديهم مقاليد الأمور.
العمل بالشريعة ثمرة من ثمرات العقيدة
عرفنا أن العقيدة هي الأساس والأصل الذي تبنى عليه الشريعة، إذن فالشريعة نابعة من العقيدة وأثر من آثارها، فمن التزم العقيدة الإسلامية السليمة وحققها، فلابد حتماً أن يكون متبعاً لشرع الله عاملاً به، ومن ادعى أنه على الاعتقاد السليم ولم يكن عاملاً بالشريعة فدعواه كاذبة، فلا يستقيم الإيمان إلا بالعمل .
والعقيدة السليمة تدفع صاحبها إلى الاستقامة على دين الله والعمل بشرعه في الجملة.
ارتباط الأحكام الشرعية بالاعتقاد وتلازمهما
الإسلام عقيدة وشريعة لا ينفصلان، لا من حيث التلازم العلمي والعملي فحسب، بل ومن حيث تضمن كل جانب لأصول الجانب الآخر.
فالشريعة وأحكامها العامة والتفصيلية لا تستقيم إلا باعتقاد أنها حق وأنها دين الله، وكل أحكام الشريعة تصلح مثالاً لذلك لكني أورد شيئاً تتضح به هذه القاعدة:
1- الصلاة والزكاة والصوم والحج، وسائر العبادات وما يندرج تحتها من أحكام وواجبات فرعية (جزئية) هي عبادات لا تصح من العبد إلا إذا اعتقد أنها شرع الله وعملها تعبداً لله – تعالى- وحده، وصح اعتقاده في أصول الدين والعبادة كما قال – تعالى-: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) [سورة الأنعام الآيتان 162-163].
فالصلاة والنسك أحكام شرعية من حيث الأمر بها والعمل لها، ولا تصح من العبد إلا إذا اعتقد أنها شرع الله وتقرب بها إليه وحده – سبحانه- فلو عملها من لا يدين لله بها لم تنفعه، ولو عمل بها لغير الله أشرك.
2- تحريم الربا والزنا والفواحش وتحريم الظلم والكذب وما يدخل تحتها من أحكام تفصيلية وأحكام شرعية، ولا يصح إسلام المسلم إلا إذا اعتقد تحريمها شرعاً، سواء اقترفها أو لم يقترفها. فمن اعتقد أن الزنا حلال، أو الربا مباح، أو استحل أي محرم من المحرمات القطعية شرعاً خرج من الدين، وإن لم يقترفها ؛ لأنه فسد اعتقاده فيها.
لكن لو اقترفها وانتهك أمر الله فيها - مع اعتقاده لتحريمها- كان عاصياً لله تعالى مرتكباً لكبيرة
الشيخ / ناصر بن عبد الكريم العقل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق